الفروق بين الديمقراطية والسياسة والقضايا الحقوقية: كيف نفهم التداخلات؟

كثيرًا ما يختلط على الناس الفرق بين الديمقراطية والسياسة والقضايا الحقوقية، فيظن البعض أن التضامن مع قضية حقوقية هو انخراط في السياسة، أو أن المشاركة في الانتخابات (كأحد مظاهر الديمقراطية) تعني بالضرورة الانتماء لحزب أو تيار سياسي. فكيف نفرق بين هذه المفاهيم؟

1. الديمقراطية: نظام حكم وآلية قرار

الديمقراطية ليست سياسة بحد ذاتها، بل هي نظام حكم يضمن مشاركة الشعب في صنع القرار، سواء عبر الانتخابات، الاستفتاءات، أو آليات التمثيل الأخرى. من أهم مبادئها:

– المساواة في الحقوق السياسية (مثل التصويت).

– حكم الأغلبية مع حماية حقوق الأقلية.

– تداول السلطة سلميًا.

إذن، عندما تنتخب أو تطالب بشفافية أكثر في مؤسسات الدولة، فأنت تمارس حقًا ديمقراطيًا، لكنك لا تُعتبر بالضرورة “منخرطًا في السياسة” إلا إذا كنت تعمل لصالح أجندة حزب أو تيار معين.

2. السياسة: الصراع على السلطة وتسيير الشؤون العامة

السياسة هي فن إدارة الدولة والمجتمع، وتشمل:

– الصراع بين الأحزاب للوصول إلى السلطة.

– صنع القرارات (قوانين، سياسات اقتصادية، علاقات دولية).

– الخطابات الأيديولوجية (ليبرالي، اشتراكي، محافظ، إلخ).

الفرق الجوهري هنا هو أن الديمقراطية إطار عام، أما السياسة فهي الممارسة ضمن هذا الإطار. يمكنك أن تشارك في الديمقراطية (كالتصويت أو التعبير عن الرأي) دون أن تنتمي لتيار سياسي، لكنك حين تنضم لحزب أو تدافع عن برنامج حكومي، فأنت تخوض السياسة.

3. القضايا الحقوقية: دفاع عن الحريات الأساسية

القضايا الحقوقية تركز على حماية حقوق الأفراد والجماعات، مثل:

– المواطنة.

– حرية التعبير.

– منع التعذيب أو التمييز.

هذه القضايا قد تتقاطع مع السياسة عندما تتبناها أحزاب أو حكومات، لكنها في جوهرها ليست سياسية بل إنسانية/أخلاقية. مثلاً:

– عندما تطالب بإطلاق سراح معتقل رأي، فهذا موقف حقوقي.

– لكن إذا استخدمت هذه القضية للهجوم على حزب معين أو الترويج لآخر، فأنت تحولها لموقف سياسي.

الخلاصة: التداخل لا يعني التطابق

– الديمقراطية = آلية مشاركة الشعب في الحكم.

– السياسة = الصراع والتفاوض حول السلطة والموارد.

– الحقوقية = دفاع عن الحريات الأساسية بغض النظر عن الانتماءات.

يمكنك أن تكون ديمقراطيًا (تدعم الانتخابات النزيهة) دون أن تكون سياسيًا (تنتمي لحزب)، ويمكنك أن تكون حقوقيًا (تدافع عن المظلومين) دون أن يكون لك موقف سياسي مؤيد أو معارض. الفيصل هو الهدف والانتماء: هل أنت تنطلق من مبدأ عام أم من أجندة محددة؟

هذا الفهم يساعدنا على تجنب اللبس، خاصة في المجتمعات التي يُنظر فيها إلى أي نشاط نقدي على أنه “عمل سياسي” مع أنه قد يكون مجرد ممارسة ديمقراطية أو دفاعًا عن حق إنساني.

https://www.facebook.com/share/p/18xW8edpqw